هاشم صالح في سياق التنوير

٢٩ مشاهدة
من عادة المفكر السوري ومترجم محمد أركون إلى العربية هاشم صالح أن يكون قليل الظهور في ندوات وفعاليات عربية وهو يقدم نفسه وتقدمه كتبه أيضا مفكر أنوار عربيا ينشد تقريب وجهات النظر ومهتما بمناطق تنويرية في تاريخنا العربي من المهم إحياؤها والبناء عليها لتجاوز مرحلة الاحتقان الديني والمذهبي التي يمكن أن تهدد السلم الاجتماعي كما في كتبه الانسداد التاريخي لماذا فشل مشروع التنوير في العالم العربي دار الساقي بيروت 2007 والإسلام والانغلاق اللاهوتي دار الطليعة بيروت 2010 والعرب بين الأنوار والظلمات دار المدى دمشق ويناقش في الأخير صراع مفكري عصر الأنوار الطويل غربيا وعربيا وهو يرى أننا أكثر ما نحتاجه اليوم في العالمين العربي والإسلامي هو الكتب التنويرية في الدين على غرار مؤلفات ومقولات جان جاك روسو وفولتير وإيمانويل كانط ورينيه ديكارت إذ أحدثت صراعاتهم الفكرية تحولا حقيقيا في بيئاتهم الاجتماعية والسياسية في الغرب وأسهمت في نقل المجتمعات الأوروبية من مرحلة العنف إلى مرحلة التعايش ويستند صالح في ذلك إلى خلفية معرفية لأكبر مفكري الغرب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الذين أسهوا في نقل أوروبا من حياة القرون الوسطى المتوحشة إلى ما سمي عصر الأنوار وقد أحيا صالح أخيرا فعالية في العاصمة العمانية مسقط ضمن الأيام الفلسفية التي تقيمها مؤسسة بيت الزبير سنويا بدأ صالح محاضرته بعرض موجز لما قبل عصر الأنوار الأوروبي حين ساد ما سماه المذهبية القاتلة بين الكاثوليك والبروتستانت اعتبر صالح في محاضرته أن ما حصل في أوروبا طوال قرون مظلمة من قتل على أساس طائفي ومذهبي أبشع مما يمكن تصوره وكان لمفكري عصر الأنوار فيما بعد مساهمة مهمة في حرف العقول عن مسار العنف والقتل المجاني كما يرى أن الفترة التي سادت فيها المعتزلة الحضارة العربية الإسلامية شبيهة بعصر الأنوار ولكن لم يقيض لها الاستمرار ويرى أيضا أن زمننا العربي الحالي بحاجة إلى مثل هذا العصر وهو متفائل من هذه الناحية إذ يرى أن الوطن العربي في طريقه لأن يتخلص من العنف الطائفي ولكن الأمر حسب وجهة نظره يحتاج وقتا وصبرا يرى المفكر السوري أيضا أن الغرب بدأ يخون عصر الأنوار بسبب الدعوات الشاذة التي لا تمت إلى الأنوار بصلة مثل زواج المثليين وما شابه ذلك من تقليعات اجتماعية ممجوجة تشكل صدمة بشرية وتقتضي من الفكر محاربتها وتفكيكها قدر الإمكان يقول مثلا إنه يقرأ أحيانا أن رجلين متزوجين اشتريا طفلا من أجل تربيته ويرى أن مثل هذه الفوضى الاجتماعية دعت بعض مفكري الغرب إلى تبني دعوة إلى الرجوع لقيم الدين المسيحي وفق منظور جديد للمساهمة في الحد من انتشار هذه الظواهر المهددة للإنسانية كما فعل المفكر الألماني يورغن هابرماس في كتابه تفكير ما بعد الميتافيزيقا 1988 حين رأى أن الدين ضرورة وجودية لا يمكن الاستغناء عنه وأكد هذه النظرة القائمة على الحوار في كتابه الجديد الضخم بين النزعة الطبيعية والدين 2008 الذي قال فيه صالح إنه لم يقرأه بعد ولكنه يعرف جيدا التوجه الذي يسير عليه هابرماس ماركسي الأصول في الوقت الحالي ودفاعه عن فضاء مفتوح يتعايش فيه العلماني والملحد والمؤمن بشكل متساو رافضا في الوقت نفسه التوظيف السياسي لاحتماليات العنف المتأصلة في الأديان وقد تجنب المفكر السوري الحديث ضد هابرماس المتهم بانحيازه إلى إسرائيل في مذابحها المروعة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل باستثناء عبارة للأسف الشديد التي تفوه بها حين تطرق مقدم المحاضرة محمد الشحي إلى موقف هابرماس الصادم بوقوفه مع إسرائيل في عدوانها المكشوف كانت محاضرة هاشم صالح الأبرز ضمن الفعاليات الفلسفية السنوية لهذا العام في مسقط وكان بين من حضروها وزير الأوقاف العماني وحشد مهم من الجمهور وقد استمرت الفعاليات يومين في ثلاث فترات صباحية وبعد الظهر ومسائية شاركت فيها أيضا جملة من الباحثين العمانيين في مجالات الفكر والتنوير مثل محمد العجمي وسعود الزدجالي وعلي الرواحي

أرسل هذا الخبر لأصدقائك على

ورد هذا الخبر في موقع العربي الجديد لقراءة تفاصيل الخبر من مصدرة اضغط هنا

اخر اخبار اليمن مباشر من أهم المصادر الاخبارية تجدونها على الرابط اخبار اليمن الان

© 2024 يمن فايب | تصميم سعد باصالح